FoFo ..~
•][ آڹـآإأ ][• : •][ مُسآإهَمآتـﮯ ][• : 28 •][ نُقَآطـﮯ ][• : 248250 •][ سُمعَتي ][• : 1500 •][ مِيلآدي ][• : 05/07/1999 •][ تَآريخِـﮯ ھ'نـآآ ][• : 28/03/2012 •][ عُمرـﮯ ][• : 25 •][ مَوقِعـﮯ ][• : الدمام
| موضوع: عاطفة من ورق .. آن ميثر....~~ 28/3/2012, 5:19 am | |
| *~*~ عاطفة من ورق ~*~*~ - آن ميثر - (روايات عبير) الملخص: من يستطيع الجزم بأنه لن يقع في الحب مرة ثانية وثالثه. بعضنا يردد في يأس مؤكداً موت قلبه بعد فشل حبه الأول.... وبعضنا الاخر يعتقد اعتقاداً راسخاً بأن عواطفه انكسرت الى الأبد ولا أمل من عودة قلبه الى الخفقان... لقد انتهيت...هكذا يصرخ العاشق ممزقا بآلام الخيبه, مرتمياً بحزن في احضان التفاصيل الصغيره. ولكن...من منا يعرف متى تهب نسمة فتزيل الضباب المتراكم فوق سهول القلب؟ ربيكا جرحها الحب الأول من رأسها حتى أخمص قدميها. شلتها الصدمه, وشردتها رياح الغربه لتعمل ممرضة في الفيللا التي تخص أديل سانتا كلير على شاطئ المحيط الهادئ, حيث التقت بيير واحبته, ولكن ابنه بول احبها وطلبها للزواج. أما أديل فكانت تحيك الأفكار الانتقامية المدمره... لمن تستسلم ربيكا... للحب ام للحقد ام للزواج؟
يتبع ..** | |
|
FoFo ..~
•][ آڹـآإأ ][• : •][ مُسآإهَمآتـﮯ ][• : 28 •][ نُقَآطـﮯ ][• : 248250 •][ سُمعَتي ][• : 1500 •][ مِيلآدي ][• : 05/07/1999 •][ تَآريخِـﮯ ھ'نـآآ ][• : 28/03/2012 •][ عُمرـﮯ ][• : 25 •][ مَوقِعـﮯ ][• : الدمام
| موضوع: رد: عاطفة من ورق .. آن ميثر....~~ 28/3/2012, 5:20 am | |
| الفصـــل الأول ... 1 – حطام امرأة أسدل الغسق عباءته على الجزيرة . وهبت نسمة باردة فتوارى قرص الشمس وراء الأشجار المحيطة بالفيللا . وراحت أصابع النسمات تخفف من الحرارة التي لفحت جبين ربيكا . وهي تغادر غرفة مريضتها وتتنفس الصعداء مقفلة الباب وراءها . تاقت في تلك اللحظة للاستمتاع بحمام . الوقت أصبح ملكاً لها بعد أن أخلدت مريضتها آديل إلى النوم . وعندما بلغت غرفتها , تخلصت من زي التمريض , وألقت بجسمها في المياه الباردة . وفجأة توقفت عن مواصلة الاستحمام شعرت بضيق لما يحدث , فالخدم في إجازة هذه الليلة ... وهي وحدها في الفيللا مع آديل التي استغرقت في النوم الآن . ما أثار ضيقها الرنين المتواصل لجرس الباب ! تنهدت في يأس وراودها الأمل في انصراف الزائر عندما يكتشف أن الأنوار غير مضاءة . ولم تستطع أن تتخيل من يكون ... فإن آديل تعرف القليل من الأصدقاء وليست هذه الليلة التي يأتي فيها الطبيب عادة . عندما رن الجرس مرة ثانية أسرعت بإرتداء ثيابها . وكان شعرها مشعثاً وهي تغادر الحمام نافدة الصبر . وعندما بلغت الباب الأمامي , وفتحته قليلاً . وفي الضوء الخافت , رأت رجلاً طويلاً يقف في الخارج فتمتمت تسأله : " ماذا تريد ؟ " ولكنه لدهشتها دفع الباب برقة وحزم واضح , ثم دخل حتى وقف في الصالة فلم تملك إلا أن تصيح به في غضب : "انتظر قليلاً من فضلك " . " عفواً يا آنسة ظننتك خادمة آديل . أقدم لك اعتذاري لإزعاجك ". فحاولت ربيكا السيطرة على الدماء الحارة التي سرت في أوصالها عندما تبينت أنها ترتدي ثوباً خفيفاً يكشف عن جسمها . وأن الرجل يحملق فيها بعينيه السوداوين . ولكنها وجدت فيه شخصاً جذاباً لم يسبق لها أن التقت بمثله من قبل وعندما أفاقت لنفسها . أخبرته قائلة : " آنسة سانت كلاود أخلدت للنوم . وأنا ... أنا ممرضتها " . " آه ... كان خيراً لي أن أدرك ذلك . ولكن ماذا كنت افعل إزاء تأخر طائرتي في أي حال لن أزعجها الآن . هل لك أن تخبريها بأنني جئت للسؤال عنها ؟ " " أقول لها من الذي سأل عنها , يا سيدي ؟ " فقط أخبريها بأن سانت كلير جاء يسأل عنها . وستعرف من هو وأنت يا آنسه ما أسمك ؟" " الممرضة ليندسي " . " هل التحقت بالعمل هنا من فترة طويلة ؟" أجابت ربيكا وهي تتمنى أن يرحل عنها سريعاً : " منذ عامين يا سيدي " . " سنتين . إنها فترة طويلة يا آنسة أظن أن شقيقة زوجتي مريضة . ومن الصعب التفاهم معها . هنا في فيجي ممل ألا تشعرين بالوحدة , أم أن لديك أصدقاء " . وشعرت رغبة بالاحتجاج على ما وراء سؤاله من معان ولما كانت لا تعرف تماماً مدى علاقته بآديل اضطرت لمعاملته بأدب . لذلك قالت له : " أنا ... أنا سعيدة تماماً هنا , وشكراً لك يا سيدي " . أخشى أن أكون سببت لك ضيقاً يا آنسه ولكن يجب ألا يعزى فضولي إلا خشونة في مسلكي . إنني أعتذر لك ثانية " . قالت ربيكا وهي ترتجف : " ليس ضرورياً يا سيدي " . " أنت ترتجفين من البرد يا آنسة . من الأفضل أذن أن أؤجل فضولي إلى يوم آخر .. وداعاً ! ". توردت وجنتاها , كان من الممكن أن تخبره بأنها لا ترتجف من البرد وأن ثمة مشاعر مختلفة أشاعت الرجفة في أوصالها . ولكنها لم تتفوه بشيء , وبعد قليل انصرف وعلى شفتيه ابتسامة شاحبة . انتظرت ربيكا حتى ابتعد قليلاً , فأغلقت الباب وراءه , وسمعت محرك السيارة يدور . ولم تمض لحظات حتى كان صوت المحرك يتلاشى شيئاً فشيئاً كلما ابتعدت السيارة عن البيت ... وأخيراً شعرت بالارتياح وغن كانت ساقاها لم تقويا على حملها أثناء عودتها إلى غرفة نومها . كانت آديل سانت كلاود . سيدة في أواخر الثلاثينات . ولكن منظرها يبدو للعيان أكبر من حقيقة عمرها ولدت وهي تشكو من ألم في القلب أعجزها عن مواجهة الحياة . وامتد عجزها إلى تفكيرها . وغادرت بريطانيا منذ عشر سنوات مضت بحثاً عن الجو الدافئ الذي يتميز به جنوب المحيط الهادئ . واصطحبت معها خادماً عجوزاً كانت تقوم بخدمتها وتمريضها . وكانت أسرة آديل من أصحاب مصانع الملابس ومشهود لهم بالثراء . وينتسبون إلى سلالة فرنسية . ويقيمون في مقاطعة سمرست . ولم تفكر يوماً في السؤال عن أي دخل تستحقه . وربما يكون ضعفها هو الملوم في عدم سؤالها . وربما يكون السبب موقفها من شقيقاتها وفي أية حال . فإنها لم تضيع الوقت في أن تستأنف حياة جديدة في فيجي عقب وفاة والدها . ولسوء الحظ ماتت ممرضتها العجوز بعد ثماني سنوات ... فاضطرت إلى الإعلان عن طلب ممرضة بدلاً منها . وجاءت ربيكا لتمريضها والآن . عندما تقلب الأمر فإنها لتتساءل كيف واتتها الشجاعة في أن تقطع هذه المسافة الطويلة وحدها . إذا لم تكن ترغب في الهروب من موقف غير سعيد ! . وفي اليوم التالي لزيارة الغريب توجهت ربيكا في الصباح الباكر لتمارس رياضة السباحة ... وكانت تفضل هذا الوقت من اليوم فتلقي بجسمها في أحضان المياه المتلاطمة حتى تستطيع مجابهة مطالب السيدة العليلة التعسة . وكانت ترتدي ثوب البحر الذي يكشف عن بشرتها التي لوحتها أشعة الشمس ... وشبابها ونضارتها ولم يراودها الخوف من فضول الناس ... لأن الشاطئ كان خاصاً بالفيللا ولما كانت آديل لا تستفيد منه لعجزها فإن ربيكا كانت تعتبره شاطئها الخاص . وعندما عادت إلى الفيللا . تناولت طعام الإفطار مع روزا مدبرة البيت وهي من أهالي فيجي . ثم أعدت صينية الإفطار لآديل . وحملتها إليها فوجدتها مستيقظة إلى وسائد حريرية . وبدا الشحوب والإعياء على وجهها وأشفقت ربيكا لمنظرها بالرغم من معرفتها بان آديل لا تقدر هذه المشاعر حق قدرها . قالت ربيكا وهي تضع الصينية فوق ركبتي آديل : " صباح الخير آنسة سانت كلاود . هل نعمت بليلة هادئة ؟ " فنظرت إلى ممرضتها نظرة ازدراء وهي تقول : " لا .. كانت ليلة سيئة الحبوب التي وصفها دكتور مانسون لم تكن بالجودة التي كانت عليها الحبوب السابقة . تقلبت في الفراش وقتاً طويلاً قبل أن أستغرق في النوم " . " تقولي أنك تقلبت في الفراش وقتاً طويلاً ! إنك لتثيرين دهشتي . لقد ظننت أنك استغرقت في النوم سريعاً .إذن سمعت الجرس وهو يدق . أليس كذلك ؟ " " جرس ! أي جرس ؟ جرس التلفون ؟ " " أقصد جرس الباب " . " هل جاءنا زائر ليلة أمس ؟ ". " نعم بعد أن أويت إلى الفراش " . " لابد أن إفاءة قد داهمتني لحظة رن الجرس . أخبريني من كان الزائر ؟ هل هو الدكتور مانسن ؟ أو بلاكويل المسن ؟ " " ليس واحد منهما . وإنما هو رجل اسمه السيد سانت كلير هل يعني هذا الاسم شيئاً بالنسبة لك ؟ " " بيير سانت كلير ؟ " " لم يخبرني باسمه الأول يا آنسة سانت كلاود ! " وفجأة أدركت ربيكا التشابه في لقب الأسرة وتنهدت آديل وهزت رأسها ثم قالت : " إنه بيير أعرف أن عمله يغطي العالم كله . ولا عجب أن يكون لديه عمل هنا في سوفا . لماذا لم تخبريني بقدومه ؟ " " أنت تعرفين أن تعليمات دكتور مانسون واضحة تماماً . يجب ألا يزعجك أحد ". " كيف واتتك الجرأة على صرف صديق تكبد مشقة الحضور إلى هنا لرؤيتي ؟ " " لم أصرفه ... انصرف برغبته عندما شعر بأن الوقت غير مناسب " . تململت آديل في مكانها حتى كادت تطيح بالصينية وسألتها : " هل قلت أنه سيعود ؟ " " أجل ... على الأقل .... أظن ! " توقفت عن مواصلة الحديث . وهي تتذكر جانباً من الحوار الذي دار بينها وبينه . ثم استطردت قائلة : " أنني على يقين من انه سيعود ! " " فتاة حمقاء ! ألا تفعلين شيئاً صحيحاً ؟ أليس لديك من الإدراك ما يجعلك تعرفين متى تسمحين للزائر بالدخول . ومتى تصرفينه ؟ ألم يساعدك ذكاؤك على أن تدركي بأن بيير سانت كلير ليس زائراً عادياً ؟ " واجهت ربيكا غضب آديل في صمت . وأدركت أن المناقشة معها غير مجدية وبذلت جهدها في أن تسير الأمور وكأن شيئاً لم يحدث . وتقدمت نحوها وصبت فنجاناً من القهوة بدون أن تتفوه بكلمة ورشفت آديل رشفة من الفنجان ثم سألتها بنبرة هادئة : " من كنت تضنين هذا الرجل يا ربيكا ؟ " تنهدت ربيكا فقد كانت تأمل أن تضع حداً لموضوع بيير سانت كلير في الوقت الحاضر . ولكنها كانت تعرف طبيعة آديل . إذ تتعمد المبالغة في الموقف فردت : " انه ... انه شخص جذاب " " انه رجل واسع الثراء يا ربيكا يمتلك عدة شركات للإنشاءات في فرنسا واسبانيا" ابتسمت ربيكا وقالت : " أحقاً ما تقولين ؟ هل عزمت على مغادرة فراشك هذا الصباح ؟ هل أعد لك الحمام ؟ " " بحق السماء كفي عن تصرفاتك المتعجلة يا ربيكا كل ماسألتك عنه هو رأيك في سانت كلير ؟ " " إنني لم أتعرف عليه جيداً حتى أكون رأياً عنه " " لا عليك يا ربيكا . لا أظن أنه تغير كثيراً طوال السنين . كان دائماً شيطاناً أنيقاً " " لا شأن لي بجاذبية زوارك . هل من خدمة أخرى أقدمها لك الآن يا آنسه سانت كلاود ؟ " وأزاحت الصينية بعيداً عنها ثم استطردت تقول بنبرة اختفت منها العصبية : " بالطبع سأغادر الفراش هذا الصباح . ولابد أن أبدو في أجمل صوري . إنني واثقة بأن سانت كلير سيقوم بزيارتي مره ثانية " . وبعد ساعة قادت ربيكا المقعد المتحرك الذي تجلس فيه آديل حتى بلغت الحديقة المحيطة بالفيللا . وعندئذ تناهى إلى سمعها صوت محرك سيارة . وتطلعت آديل إلى ممرضتها وتألقت عيناها وهي تقول : " إنه سانت كلير أدفعي المقعد بسرعة إلى موقف السيارة " . كان بيير يرتدي سروالاً رمادي اللون .... وقميصاً بنياً مفتوحاً عند عنقه وبدت على وجهه مسحة من الكبرياء .... وتبرمت ربيكا عندما شعرت بنبض قلبها يدق سريعاً . وتساءلت : لم هذا الاضطراب ؟ إنه ليس أول إنسان جذاب تلتقين به ... ودبت الحيوية في أوصال آديل عندما اقتربتا منه وتشابكت أيديها وهي تصيح : " بيير ! بيير سانت كلير ! بحق السماء . ما الذي أتى بك ؟ " أطبق يديه القويتين على يديها النحيلتين . وقال لها بابتسامة دافئة : " ألا تظنين أنك سبب كاف يدعوني للمجيء ؟ " وتوقف عن الحديث وهو يتطلع إلى القوم النحيل الذي يقف ممشوقاً وراء المقعد المتحرك . ثم استطرد يقول : " ألم تخبرك الممرضة لندسي بأنني جئت للسؤال عنك ليلة أمس ؟ " " بالطبع أخبرتني ... وانزعجت لأنها لم تنبئني بوصولك في حينه ... الأطباء حمقى ... إن إيقاضي ولو لمرة واحدة . لن يؤذيني " " عزيزتي .... يجب أن تطيعي أوامر الطبيب ... وإلا فإننا سنكون في غنى عن استشارتهم .... ألا توافقينني يا لندسي على رأيي ؟ " أجابت ربيكا وأصابعها تتشبث بمقود المقعد المتحرك : " طبعاً أوافقك " . تطلعت آديل إليها نافدة الصبر . وقالت : " من الطبيعي أن تقولي ذلك " ثم حولت بصرها إلى بيير وأردفت قائلة : " حقيقة .... ما الذي أتى بك إلى فيجي ؟ هل الأمور تسيير طبيعياً في الوطن ؟ " " إنها تجري في مجراها الطبيعي " وأخذ يجيل بصره باهتمام في الحديقة الشاسعة التي ازدهرت بأشعة الشمس , ثم قال : " عن ما جاء بي هو المشروعات التي أزمع تنفيذها على طول الساحل في ياساواس . هناك مشروع لإقامة فنادق ... وقد جئت إلى هنا لعمل مسح شامل للمشروع ! " سالت آديل : " آه ... تنوي المكوث هنا فترة طويلة ؟ " " أسبوعين ... وربما ثلاثة أسابيع . إنني أقيم هنا في سوفا . ولكنني أنوي الانتقال إلى لاتوكا " . " هيا بنا نتوجه إلى المنزل . إن روزا ستقدم لنا القهوة بالطبع ستتناول طعام الغداء معنا " . وتطلع بيير إلى ربيكا مرة أخرى . ولكنها تحاشت نظرته . فحول بصره إلى آديل وقال : " أحب أن أتناول طعام الغداء " وفي طريقهم صوب الفيللا أخذ مقود المقعد من ربيكا .... التي وجدت نفسها تسير إلى جواره وهو يتطلع فيها ثانية ويقول لها : " إنه صباح جميل ... أليس كذلك يا آنسه ؟ " حاولت ربيكا أن ترسم ظل ابتسامه على شفتيها . وهي تقول : " جميل ... ولكن أغلب فترت الصباح في فيجي جميلة " " ما يثير حيرتي أن فتاة مثلك ترضى بوظيفة من هذا النوع ... إنني أعتذر لك يا آديل ... ولكن من المعتاد أن تقبل سيدات متقدمات في العمر مهام التمريض أليس كذلك ؟ " رأت ربيكا علامات الضيق تكسو وجه آديل وهي تصيح : " بحق السماء ... لا تقل هذا يا بيير . إنك تثير في نفسها شعوراً بعدم الرضى وإني أؤكد لك أنها راضية بما تؤديه من خدمات . " وفي ذلك الوقت أنتاب ربيكا ارتباك واضح ... ولكن بيير أضاف في سخريه : " إنني متأكد أن لندسي لن تتأثر بما أقوله ... إنها تثير إعجابي بكونها فتاة راضية النفس " . هدأت ثورة آديل ... وتطلعت إلى ربيكا وقالت في سخرية : " وأنت ستتعرفين على بيير " . فشعرت ربيكا أن موقفها يزداد سوءاً عن ذي قبل . وبدأت تشعر بالارتياح عندما بلغو المنحدر المؤدي إلى الفيللا .... وعندما وقفت ربيكا في الصالة قالت لها آديل : " اخبري روزا بأن تحضر القهوة إلى غرفة الجلوس . وقولي لها أن لدينا ضيفاً سيتناول الغداء معنا " " سأخبرها يا آنسة كلاود " وكانت الرغبة تحدوها في الفرار من الصالة ... ليس من سخرية آديل وحدها وإنما أيضا من علامات المزاح التي كانت تتراقص في عيني بيير . وعندما غادرت المكان ... أمضت بقية فترة الصباح في كتابة التقرير الطبي اليومي . ومراجعة محتويات خزانة الأدوية الخاصة بآديل . وأعادت ترتيب غرفة نومها . وغسلت بعض ملابسها الشخصية . ووضعت لمسة من أحمر الشفاه ومشطت شعرها وعقصته خلف رأسها . وتسألت في يأس مرير عما إذا كانت ستتناول طعام الغداء مع آديل وضيفها هذا اليوم فقد كان من عادتها أن تتناول الطعام مع آديل . ولكن لا بد أنها اليوم ستغفل دعوتها حتى تنفرد بصحبة بيير . وراود ربيكا الأمل في أن تغفل آديل عن دعوتها وذلك حتى لا تتعرض لسيل من شكواها . ولنبرة سخريتها . ونحت أفكارها جانباً ... وعبرت غرفة النوم , وهبطت إلى الصالة . فوجدت باب غرفة الجلوس مفتوحاً .. واضطرت إلى أن تنظر لتتأكد من وجود آديل . فوجدتها تجلس على المقعد تحتسي كوباً من الشراب المنعش المثلج . بينما كان بيير واقفاً أمام المدفأة . وقد استند بيده على الرف .... ورفع بيده الأخرى كأساً من الشراب . وتطلعت آديل إليها عندما بدا عليها التردد وهي تقف بالباب . وقالت لها : " ادخلي ... ادخلي .... يا فتاة هل أعد طعام الغداء ؟ " " أنا .... أنا لا أعرف ... كنت أريد أن أسأل عما إذا كنت بحاجة إلى شيء ما . وحيث أن السيد سانت كلير سيشاركك الطعام اليوم فإنني ... إنني سأتناوله في غرفتي " . " حسناً يا ربيكا بإمكانك أن تخبري روزا بأننا على استعداد لتناول الطعام عندما ... " ولم تواصل آديل الحديث إذ قاطعها بيير قائلاً : " أوه .... ولكنني بالتأكيد أرحب بأن تشاركنا الممرضة ليندسي الغداء إذا كانت معتادة على تناول الطعام معك , إن حديثنا لا يتناول الأسرار , ولدينا متسع من الوقت نتحدث فيه عن شؤوننا الخاصة .... أليس كذلك يا عزيزتي ؟ " سألتها آديل : " لماذا لا ترغبين في مشاركتنا طعام الغداء ؟ " " إن دوافعي بسيطة للغاية ... من الطبيعي أنك وضيفك تفضلان أن تكونا وحدكما ... " " لماذا تتصورين ذلك يا ربيكا ؟ هل تفترضين أنني وبيير ... يكن أحدنا للآخر عاطفة قديمة ؟ هل تظنين أننا كنا عاشقين يوماً ما ؟ " " سأذهب إلى روزا . وأخبرها بأنكما على استعداد لتناول الطعام " " لماذا تصرين على تجاهل أسئلتي يا ربيكا ؟ هل أنا طفلة تتدلل بدون أن تناقش ؟" تنهدت ربيكا ... وألقت نظرة على سانت كلير ولكنها أشاحت بوجهها حتى لا ترى نظرة السخرية في عينيه . وكان من الواضح أنه لا يرغب في مساعدتها وأخيرا قالت : " أظن من المستحسن أن أواصل عملي . وأنني آسفة إذا كنت تشعرين بأنني قد قطعت عليك خلوتك عن عمد . ولكن ليس من واجباتي أن أشركك معي في فترات راحتي " . حملقت آديل في ربيكا غير مصدقة . وقالت : " يا لك من فتاة وقحة " وشعرت ربيكا بأنها لم يسبق أن أجابت على آديل بمثل هذا الأسلوب من قبل . وهنا تمتم بيير بهدوء : " مهلاً يا آديل .... ربما كانت الآنسة ليندسي على حق . ليس من المحتم أن تمضي كل وقتها معنا ... أقصد معك . إن لها مشاعرها هي أيضاً . وأظن أنك أثقلت عليها فترة طويلة ! " وفي هذه اللحظة تطلعت ربيكا إليه . وشعرت بارتياح لتدخله . وبأن استعماله لكلمة أثقلت قد خفف من حدة الموقف . كما أن هذا التدخل أتاح الفرصة لآديل أن تخرج من المأزق بدون أن تريق ماء وجهها . فتقبلت كلامه وقالت : " حسناً يمكنك أن تذهبي ياربيكا " غادرت ربيكا الغرفة . وأخبرت روزا بأن تعد الطعام ثم حملت صينيتها إلى غرفتها وعندما انتهت آديل وبيير من الطعام . ظهرت مشكلة آخرى ... كانت آديل معتادة على النوم ساعة بعد الغداء . ولكن كيف تحملها ربيكا على مثل هذا الأمر في هذا اليوم ؟ وتساءلت هل تتناسى تعليماتها ؟ ولم ينقذها من حرج الموقف سوى صوت محرك السيارة . فأسرعت إلى النافذة ورأت السيارة الزرقاء تنطلق إلى عرض الطريق . تنفست ربيكا الصعداء . فالآن أصبح في وسعها حمل آديل على النوم بسهولة ولكنها تبينت أن الزائر قد أثار آديل عاطفياً ... وجسدياً ... لذلك قابلتها بثورة عندما توجهت إليها قائلة : " كيف تجرؤين على الحديث معي بهذا الأسلوب أمام الضيف ؟ لا تظني أنني قد نسيت الاهانة لمجرد أن بيير قد صنع منك بطلة ... إن فتاة وقحة مثلك . تجهل من يكون أبوها .... " صمتت آديل بينما أخذت ربيكا تتحكم في مشاعر الغضب التي اعتلت في صدرها . ولكنها لن تلوم سوى نفسها ... ففي ذات يوم . باحت لآديل بسرها في لحظة عاطفية . وقالت لها : " أن أبي قتل وهو في طريقه إلى الكنيسة للزواج من أمي " . استطردت آديل تسألها : " إذا كانا أبواك مثاليين في الفضيلة ... إذاً ما الذي أتى بك على هنا ؟ " أجابت ربيكا : " كانا يتمتعان بالشباب . ويحب كلاهما الآخر . لا أتوقع منك أن تدركي ذلك . قاست أمي الحسرة عندما فقدته . وجدتي لم تفهم مشاعر أبي . وكانت تتحين كل فرصة لكي تهزأ بها .... ولم ينقذه من عذابها سوى موتها في حادث تصادم القطار الذي كانت تستقله " ويبدو أن آديل شعرت بأن شرودها قد تجاوز الحد . فأسرعت تقول : " أليس جميلاً أن يتناول رجل معنا طعام الغداء ؟ لا نعرف أحداً هنا سوى الطبيب وبلاكويل المسن ... ولكنهما مختلفان أليس كذلك ؟ " وكان أندرو بلاكويل . يشغل منصب القسيس المحلي بالرغم من أن آديل كانت غير متدينة وتجادله كثيراً إلا أنها كانت تسعد بحديثة . فأجابتها آديل متسائلة : " لماذا رفضت تناول الطعام معنا ؟ لا يمكن أن يراودك التفكير في أننا كنا نبغي الإنفراد إن بيير لا يسعده أن يجلس إلى أمرأه عجوز شمطاء مثلي " " أنت لست عجوزاً ولا شمطاء . لا تكوني حمقاء " تنهدت آديل وقالت : " ذات مره , كنت وبيير يعرف أحدنا الآخر حق المعرفة . عندما كنت شابة ولم أكن مشلولة كما أنا الآن . كان في وسعي أن أفعل الشيء الكثير " قالت ربيكا في رقة : " أنت لست مشلولة الآن " " ليس تماماً . إنما مقيدة إلى كرسي متحرك , لا أستطيع المشي على قدمي . أو الرقص , أو السباحة .... " وكانت ربيكا تشعر في هذه اللحظة بمشاعر العطف نحو آديل فقالت لها : " ولكنك لست مقيدة إلى الفيللا , لدينا السيارة ويمكننا الذهاب إلى نافويا غداً إذا شئت . دكتور مانسون يقول إن الرحلة النهرية التي تبدأ من هناك جميلة للغاية ... ستستمتعين بمنظر الغابات والشلالات " . وهنا التفتت آديل نحوها , وقالت بنفاد صبر : " إنني لا أرغب في رحلة نهرية , إنك شابة , تتمتعين بالصحة , فلا تسخري مني . إنني عديمة النفع , غنني حطام إمرأه . ولا أستحق أن أدعى إمرأه ... " " هذا هراء ! " " أي هراء ؟ هل تظنين أنني لا ألاحظ الطريقة التي يتطلع بها الرجال إليك ؟ الطريقة التي ينظر بها الدكتور مانسون إليك ؟ الطريقة التي ينظر بها بيير إليك ؟ " توردت وجنتا ربيكا وقالت : من فضلك يا آنسة سانت كلاود ... " " لماذا ؟ لماذا لا أقول ذلك ؟ إنها الحقيقة أليس كذلك ؟ لا تجعليني أبدو غبية يا ربيكا ! ماذا قال لك بيير ليلة أمس حتى أثار القلق في نفسك ؟ " بدأت ربيكا تقود المقعد المتحرك عبر الممر . حتى بلغت غرفة آديل . فتكلمت ثانية بنبرة مختلفة فقالت : " أخبريني يا ربيكا . الآن أتيحت لك الفرصة للتحدث إليه . ما رأيك في بيير ؟ " " يبدو أنه شخص جذاب للغاية " وصمتت ربيكا قليلاً حتى تحمل آديل إلى فراشها وتحل أزرار ثوبها , ثم استطردت قائلة : " هل تعرفينه منذ زمن طويل ؟ " " إن أسرته وأسرتي تربطهما صداقة وطيدة . وفي وقت من الأوقات ظن الناس أننا سنتزوج .... " تطلعت ربيكا إليها وهي تحاول إخفاء دهشتها . لابد أن بيير سانت كلير كان في مثل سن آديل في ذلك الحين ... وفجأة تذكرت شيئاً قاله تلك لها ليلة أمس ... أخبرها بأنه زوج شقيقتها ! انتابها شعور اعتصر أمعاءها هل تزوج من شقيقة آديل ! أخذت آديل تراقب ربيكا عن قرب . ثم سألتها : " لماذا أنت متجهمة الوجه ؟ هل فوجئت بالأمر ؟ " " لا ... لا ... إنما هناك شيء قاله لي السيد سانت كلير ... " " ما هو ؟ " هزت ربيكا كتفيها . وقالت : " قال إنه زوج شقيقتك " هزت آديل رأسها وألقت بظهرها على الوسائد . وقالت : " هذا صحيح . لقد تزوج واحدة من شقيقاتي الأربع " سألتها ربيكا : " إذن ... هو متزوج ! " تطلعت آديل إليها طويلاً ... ثم رسمت ابتسامة فوق شفتيها . وقالت : " شقيقتي ماتت ! " ثم أغلقت عينيها . وضغطت ربيكا يدها على بطنها . وقالت : " سأحضر أحد الأقراص المهدئة " فتحت آديل عينيها . وقالت : " ليس ضرورياً ... إنني أشعر بإعياء شديد " " سأتركك الآن .... استدعيني إذا كنت في حاجة إلى شيء " " سأفعل وعلى فكرة . بيير سيأتي لتناول طعام العشاء مساء غد . واطلبي من روزا أن تستخدم براعتها في إعداد أطباق جديدة تختلف عن تلك التي تعودت أن تقدمها لنا " وسارت ربيكا نحو الباب وهي تقول : " سأتحدث إليها ... " وانفلتت هاربة بسرعة من الغرفة ! نهــــاية الفصل الأول الفصل الثاني ..... 2- أرصفة القلب المشمسة توجهت ربيكا صباح في اليوم التالي إلى الشاطئ , وكانت الرمال الناعمة باردة تحت قدميها , ولكنها توقفت برهة عندما بلغت مكان التقاء الماء برمال الشاطئ , فمدت ذراعيها تستقبل بهما أشعة شمس الشروق . وبرز رجل من وراء الأشجار المتناثرة . أخذ يتجه نحو ربيكا التي أحست بوقع خطوات متطفلة تقتحم عليها وحدتها , فاستدارت وهي تلهث يخالجها مزيج من الضيق والدهشة , وعندما تبينت الشخص المتسلل . كان بيير سانت كلير قد أصبح في مواجهتها فبادرها قائلاً : " صباح الخير يا آنسه . هل أعتدت السباحة في هذه الساعة ؟ " حاولت ربيكا أن تتمالك إذ فاجأها الرجل وهي ترتدي ثوب البحر . فشعرت بالحرج . وقالت له : " هذا الوقت يخصني وحدي . الآنسة سانت كلاود لا تستيقظ من نومها قبل التاسعة " هز بيير رأسه وقال : " آه ... فهمت " ترددت ربيكا قليلاً . ثم قالت : " الذي أعرفه أنك مدعو لتناول العشاء . وليس لتناول طعام الإفطار " ابتسم بيير قائلاً : " إن لديك لساناً صغيراً لاذعاً يا آنسه . قد يدهشك أن تعرفي أنني ما جئت لزيارة الفيللا . غرفتي في الفندق حاره لذا قررت التجول بسيارتي وبينما كنت أمر بالفيللا رأيتك تسيرين نحو الشاطئ ... إنني أعتذر لتطفلي عليك " توردت وجنتا ربيكا وقالت : " بما انك صديق أو بالاحرى قريب لرئيستي في العمل . فإن وجودك على الشاطئ لا يفسر بأنه اقحام لوحدتي . فأنا لست سوى موظفة عند آديل " " لا أهتم كثيراً بتعليماتك ياآنسة أنا لم اقصد المجيء إلى هنا " لطم بيير سرواله براحة يده . ثم أستدار وسار على الشاطئ وعندئذ ضغطت ربيكا شفتيها في حسره . فقد كانت واثقة أنه لن يشير إلى هذا الحادث أمام آديل . وشعرت بالحماقة لأنها سلكت معه هذا المسلك الوقح . وكان ينتابها إحساس غريب بأن شيئاً يجذبها إليه . وإن لم تكن هي واثقة بانجذابة نحوها . تنهدت والقت بنفسها في أحضان الماء . وامتنعت عن التفكير فيه حتى لا تبدد جمال اللحظة التي تتمتع فيها بالسباحة في البحر . عادت ربيكا إلى المنزل وبينما كانت تقوم بتنسيق الزهور في القاعة رن جرس التلفون فرفعت آديل السماعة وعندما أعادتها كان وجهها متجهماً وغاضباً واتجهت إلى ربيكا في الحديث قائلة : " إنه بيير ... طلب تأجيل موعد العشاء ! " ابتلعت ربيكا ريقها بصعوبة ... وحاولت أن تظل متماسكة فتمتمت تقول بهدوء : " أوه ... هل أشار إلى سبب التأجيل ؟ " قالت بحدة تنم عن نوع المعاملة التي سوف تتلقاها ربيكا في هذا اليوم : " له علاقة بأعماله التي ينجزها هنا . وفي هنا . وفي اية حال . فإنه لن يأتي ... عليه اللعنة ! " مضت ثلاثة أيام قبل أن تراه ثانية . وكانت آديل خلالها تتحرق شوقاً إلى سماع مكالمة تلفونية منه . ولكنها لم تتلق واحدة كما أن ربيكا بدأت تعتقد أن لن يعود لزيارة الفيللا مره أخرى وعندما انتهت اعماله في سوفا . وتوجه إلى لاتوكا تضاءلت الفرصة كثيراً في رؤيته . ولذلك كانت مفاجأة يوم ألتقت به ربيكا كانت قد ذهبت إلى سوفا لتشتري بعض الحاجيات التي طلبتها آديل وعندما انتهت من الشراء أخذت تتجول بين الاكشاك المتناثرة في السوق ... وقع بصرها على قنينة تحتوي على زيت الصندل تباع في أحدها , وهي معروضة بطريقة تجذب أنظار السياح وراح البائع يغريها بالشراء وبدا عليها التردد عندما أحست برجل يقف إلى جوارها . فأدارت رأسها وأت بيير سانت كلير . قال وعلى وجهه علامات الوقار والجدية : " صباح الخير يا آنسه هل تنوين شراء القنينة " ابتسمت ربيكا ابتسامة شاحبة . وأجابت : " لا أظن ذلك , إن منظرها جذب بصري " " هل تعرفين أن أهالي فيجي اعتادو استعمال هذا الزيت ليطيبوا أغجسامهم به ؟ " " إنني أفضل عليه العطور " وتطلع بيير إلى البائع . وسأله بالفرنسية : " هذا العطر ... كم ثمنه ؟ " وارتجفت ربيكا ... وقبل ان يتفوه البائع بكلمة . ولت مسرعه . هاربه . فقد ادركت انه ينوي شراء القنينة وهي لا ترغب في شرائها ... وكانت قد تركت سيارتها في شارع جانبي . وبالرغم من حركة المرور في شارع سوفا وازدحام السياح بها الا انها لم تتخلص من اضطرابها لوجود بيير سانت كلير إلى حد ما إلا في ازدحام الناس . على انها ماكادت تبلغ سيارتها . وتميل بجذعها لتضع المفتاح في الباب حتى وجدت الرجل الذي تهرب منه يقف الى جوارها . فقالت بصوت يتسم بالحزم : " هل أفهم من هذا أنك تطاردني ؟ " قال وعقد ذراعيه فوق صدره : " أجل ! " وكان شعره الاسود الكثيف مرسلاً ناعماً فوق رأسه , بينما عيناه السوداوان تشعان بكبرياء أخاذه " أخبرني بالضبط لماذا تقتفي أثري ؟ " هز كتفيه بإستخفاف وقال : " لاعطيك هذا ... " وقدم لها طرد صغير ملفوفاً بورق ملون ولكن ربيكا أبت أن تأخذه وقامت بوضع حقيبة المشتريات في السيارة ثم استدارات وقالت له : " شكراً ... لا أريد شيئاً منك , والآن هل تسمح لي ؟ " نظر بيير إليها ببرود وقال : " ماذا تتوقعين أن يكون في الطرد ؟ " " من الأفضل أن لا أخمن شيء " " تظنين أنه زيت الصندل ... أليس كذلك ؟ " " وماذا يكون غير ذلك ؟ " انتزع الورقة التي تكسو الطرد , وقال : " ماذا لو قلت لك إن شيئاً قد سقط منك في السوق . وقد عثرت عليه . فأعدت تغليفة بهذا الورق الملون ! " وأسرعت ربيكا تتطلع الى حقيبة المشتريات ... وبدون مراجعة محتوياتها راودها الشك في انه من المحتمل ان تكون نسيت شيئاً , فعضت شفتيها وقالت : " أنا واثقة بأن شيئاً لم يسقط مني ! أظن أنك تتعمد مداعبتي لسبب في نفسك " رفع حاجبيه . وبحركة هادئة فض الطرد فسقط مسحوق البودرة عل راحة يده فنظرت ربيكا إلى البودرة بعيون غير مصدقة إنها بودرة تالك ذات الرائحة المعطرة التي أشترتها لآديل وشخصت ببصرها اليه ولكن عينيع لم تنما عن شيء وابتلعت ربيكا ريقها بصعوبة , ثم قالت : " انها لا تخصني ! لايمكن ان تسقط مني وإلا سمعت صوت سقوطها ! " " لم لا ؟ لا يمكنك سماع سقوطها وسط ضجيج السوق ! " " لست متأكدة .... ربما أخذتها من حقيبتي " هز رأسه في يأس . وسألها : " ماذا فعلت حتى تحكمي علي براي ضعيف ؟ ماذا قالت لك شقيقة زوجتي ؟ " وفتحت ربيكا باب السيارة . وقالت : " لم تقل شيئاً ياسيد ... والآن هل تسمح لي ؟ " " ألا تحبين استرداد علبة البودرة . ياآنسه ؟" " أوه ... أوه من المفروض أن أخذها ! " وانتزعت العلبة من قبضة يده , وألقت بها في المقعد الخلفي للسيارة . ثم استطردت قائلة : " ألان يجب أن أرحل إن أديل أقصد الآنسة سانت كلاود سوف تتسائل عن سبب تأخيري " " حسناً ... ارحلي ياآنسه . مادمت مصرة على ذلك " وجلست ربيكا وراء عجلة القيادة . وتطلعت إليه وقالت : " إنني لا أفهمك ! " " أحقاً ماتقولين ؟ " " هل أنت . أقصد هل ستأتي لتناول طعام العشاء ؟ قبل أن ترحل ؟ " " هل ترغبين في ذلك ؟ " شعرت ربيكا بتقلص أمعائها . وقالت متلعثة : " أنا ... أنا ... لا شأن لي بذلك " " أحقاً لا يعنيك ؟أجل سآتي . سأطلب من آديل تلفونياً وأرتب معها الموعد . وبعدها هل ستصحبينني في نزهة بسيارتي ؟ " اتسعت عينا ربيكا وانتابتها رجفة . ثم قالت : " أنا ... أنا ... أنا موضفة عند آديل . لا أستطيع الموافقة على لقاء مثل هذا . وبالاضافة إلى ذلك . فإن آديل لن توافق على هذه النزهه " والتقت عيناه بعينيها . فقال لها : " يجب ألا تعرف آديل . هل يجب ان تعرف ؟ " قالت ربيكا وهي تلهث : " أعتقد ذلك ... تبدد وقتك هباء . أنا . أنالا أشبه النساء اللواتي تعرفهن ! " قال بيير : " أعرف ذلك " هزت ربيكا رأسها يأساً , وقالت : " يجب أن أرحل .... الوداع " فأجاب على الفور : " إلى الملتقى " وتراجع بيير إلى الوراء ... وعندما انطلقت ربيكا بالسيارة , انعكس الاضطراب على أسلوب قيادتها وفي طريق العودة لم تشعر ربيكا بجمال الطبيعة . وإنما كانت تحس بالألم والاضطراب والخوف من أن يمارس بيير ضغوطه عليها . ففي وجوده كان يذوب نفورها منه . بل إن مقاومتها له تضعف ! لقد أثر عليها وكان الجانب الأحمق من شخصيتها يدفعها لتتلقى كل الاطراء الذي يطوقها به . ولكن الجانب العاقل فيها كان يحذرها من أن أي شيء يقدمه لها قد يهددها بالخطر ... وإزاء هذا الموقف المتضارب كانت ربيكا تشعر بالتمزق . وعندما عادت إلى الفيللا . كانت آديل تستلقي على مقغد طويل في الحديقة وتستفئ بظل مظلة مخططة الألوان وقد تطلعت إلى ربيكا بنظرة متأنية ثم قالت : " لقد غبت فترة طويلة . ماذا كنت تشترين ؟ " وبذلت جهداً كبيراً حتى لا تتورد وجنتاها بالخجل , وقالت : " كل ماطلبت مني شرائه " وركعت على القرميد الدافئ . وبدأت تفرغ محتويات حقيبة المشتريات وكانت علبة البودرة التي أعطاها بيير لها موجودة على رأس الأشياء . فقدمتها أولاً لآديل ثم الجوارب . ومستحضرات التجميل ومعجون الاسنان وكانت علبة بودرة تالك معطره تقبع في الحقيبة . وتشابه نفس العلبة التي أعطتها في بادئ الأمر لآديل . تناولتها ربيكا ونظرت إليها غير مصدقة . ولاحظت أديل طول تأملها في العلبة . فقالت لها : " بحق السماء فيم كنت تفكرين . هل أشتريت علبتين من بودرة التالك ؟ " توردت وجنتا ربكيا . وألقت العلبة الثانية جانباً . ثم قالت بسرعة : " أنا ... أنا اشتريتها لنفسي ! " قالت آديل بنفاد صبر : " ولكنك لا تحبين هذا النوع من البودرة . لا حاجة بك إلى التظاهر ياربيكا . إني لا أضيق بوجود علبتين , ولكننا سنجد أنفسنا نستعملها في وقت واحد " غضت ربيكا شفتها بشدة . ثم قالت : " أوه .... ولكني في الواقع " قاطعتها آديل قائلة : " ولكن في الواقع ... لاشيء يهم اذهبي وضعي هذه الادوات في مكانها وأطلبي روزا أن تعد لي القهوة ! " وجاء اليوم التالي ... وحتى تحين اللحظة التي يدق فيها بيير جرس التلفون ليحدد موعد تناول العشاء . وعاشت ربيكا تحت وطاة الاحساس بانتظار وصوله وفكرت جلياً في موضوع علبة البودرة . وادركت أن بيير لا بد قد رأى العلبة التب اشترتها من خلال القش الذي صنعت منه الحقيبة . واشترى علبة مماثلة لعلبتها . ثم اختلق القصة عندما قدم الطرد لها. وقد اتفق بيير مع آديل على أن يتناول العشاء في مساء اليوم التالي ... وفي صباح ذلك اليوم أصرت على التوجه إلى سوفا لزيارة مصفف شعرها . وكانت ربيكا لا تريد القيام بمثل هذه الزيارة وخاصة انها تشعر باضطراب يهز كيانها . ولكن ما جدوى رايها اذا كانت آديل تصر على موقفها ! وعند الأصيل . استلقت ربيكا لتناول قسطاً من الراحة بينما اخذت ربيكا تكوي الثوب الذي سترتديه في المساء . وكانت آديل تشعر بكراهيه نحو ربيكا تدفعها إلى عدم السماح لها بحضور حفل العشاء . اما ربيكا فكانت تتحاشى غضب آديل إن هي حضرت الحفل . ولذلك استغرقت في افكارها الخاصة بها . وراحت تبحث عن اسباب تتذرع بها للغياب عن الفيللا في هذا المساء . لكي تضع مسافة بينها وبين زوج شقيقة آديل . وبعد ان أخذت آديل حماماً ساعدتها ربيكا على ارتداء ملابسها وتأملت آديل نفسها في المرآة . ثم قالت : " منظري بديع للغاية . ألا تظنين ذلك يا ربيكا ؟ " " بديع للغاية يا آنسة سانت كلاود يجب أن تعديني ألا يزيد اضطرابك هذه الليلة . كان يوماً مجهداً لك . ومن الطبيعي ... " " عم تتحدثين يافتاة ؟ ستظلين هنا حتى أكون أمام عينيك أليس كذلك ؟ إنني اتوقع أن تنضمي إلينا على مائدة العشاء ؟ " " كلا ... كلا يا آنسه كلاود . لقد اتفقت على عدة مقابلات أخرى " قالت آديل بصوت حاد : " أية مقابلات أخرى ؟ " وابتلعت ربيكا ريقها . ثم اخذت تبحث في عقلها عن أعذار تلتمسها وأخيراً قالت : " فكرت في أن أمضي الليلة في الخارج " " ماهو المكان الذي ستتوجهين إليه وحدك ؟ لك أن تتجولي في الجزيرة أثناء النهار . ولكن عندما يأتي الليل . فالأمر مختلف ! " " سبق أن قلت لي انه يمكنني أن أستقل السيارة " " أعرف ذلك ؟ ولكن قد أحتاج إلى خدماتك هذه الليلة الىن إذهبي واخلعي زي التمريض . وارتدي ثوباً جميلاً " وتطلعت ربيكا إلى آديل في يأس وقالت : " أريد أن أتناول العشاء في غرفتي يا آنسه سانت كلاود " " لماذ ؟ هل هذا بسبب وجود بيير ؟ " " ماذا ؟ لا ... لا " " حسناً ... لا أظن أنني السبب سبق أن تناولت العشاء معي مرات عديدة " " لماذا ترغبين في أن أنضم إليكما للعشاء ؟ " " ربما لأن الأيام التي أمضيتها هنا كانت بلا أحداث . وأشعر بالاسف لك وعلى العموم . لن تتيح لك الأيام الفرصة لتتناولي الطعام مع مليونير " وأنسبت ربيكا أظافرها في راحة يدها . ثم سألت : " هل من حقي الاختيار ؟ " قالت آديل بصوت صارم : " لا ليس من حقك . الىن اذهبي وأعدي نفسك . حتى لا تكوني سبباً في زيادة اضطرابي ؟ " " اذهبي وأعدي نفسك . حتى لاتكوني سبباً في زيادة اضطرابي ؟ " تنهدت ربيكا , وانصرفت وعندما بلغت غرفتها . راحت تفحص خزانة ملابسها بعناية . وسالت نفسها : بحق السماء أي ثوب سارتديه ؟ إن الثياب القصيرة لا تقي من البرد . وهي غير مناسبة في مكان مثل هذه الجزيرة . أما الثياب شرقية الطراز هي أكثر أنوثه . ولكنها لن تشعر بأدني رغبة في أن تثير مزيداً من الاهتمام . ولذلك اختارت قطفاناً مزيناً بنقوش الغابة . وكان طويلاً وأكمامه تختفي استدارة ذراعيها فارتدته . وانضمت إلى آديل . وعندئذ سمعت صوت محرك سيارة يتوقف عن الباب . وفتحت روزا الباب . وبعد دقائق قليلة دخل إلى الردهة شخص يقول : " السيد بيير سانت كلير ياسيدتي . ورفيقته الآنسه إيفون دي بوي " وشعرت ربيكا بالدماء تكاد تفجر وجهها . عندما رأت بيير يدخل الغرفة بقوامه الطويل النحيل . وهو يرتدي جاكيتاً من اللون الأبيض يتدلى من جيبها العلوي منديل أحمر . وكانت بصحبته أجمل نساء العالم . لم يسبق لربيكا أن رأت مثلها من قبل . وبالرغم من أنها كانت تبدو في مرحلة الشباب إلا أن ربيكا قدرت سنها بين الخامسة والثلاثين والخامسة والأربعين . وقد تخللت شعرها الأسود بعض الخصلات الرمادية . وكانت نحيلة القوام . أنيقة ترتدي ثوباً من الحرير الفضي . أبرز رشاقتها وعندما انتهت ربيكا من استطلاع اهم سمات غيفون . حولت بصرها إلى آديل لتعرف الانطباع الذي تركه قدوم الضيفة عليها . ولدهشة ربيكا بدت آديل وكأنها لم تفاجأ بزيارة الضيفة بل كانت تتوقع قدومها . وانتابتها الحيرة والتساؤل . لماذا اصرت آديل أن تدعوها على مأدبة العشاء . في حين انها كانت تعرف أن بيير سيأتي بضيفة ؟ ولماذا لم تخبرها بأن زوج شقيقتها لن يأتي وحده ؟ أدركت ربيكا مدى السعادة التي ستنعم بها آديل في مثل هذا الموقف . فهل تكون قد شعرت باهتمام ممرضتها السيد بيير فاختارت هذه الوسيلة لتجبرها على ألا تعلق أمالها عليه ؟ في أي حال هذه الليلة ستكون فوق طاقة البشر . راحت آديل تتحدث إلى إيفون . لتشعر ربيكا بأن ربيكا بأن المرأتين على معرفة سابقة منذ عدة سنوات مضت . بينما اتخذ بيير طريقة ووقف على جوار ربيكا . وتمتم قائلاً : " مساء الخير يا آنسه . إنني مندهش لأن آديل سمحت لك بالانضمام إلينا " " الآنسه سانت كلاود أصرت على حضوري ولسوء الحظ لم اكن في موضع يسمح لي بالاختيار " سألها بصوت منخفض : " لماذا تصرين على هذا المسلك الطفولي ؟ " وهنا تطلعت ربيكا إلى آديل التي قالت لها : " نريد ان تروي ضمأنا يا ربيكا . هل يمكنك إحضار بعض كؤوس الشراب ؟ على فكرة يا إيفون هذه هي ممرضتي ربيكا ليندي . كنت أنا وإيفون في مدرسة " كانت نبرة آديل تشوبها البهجة والمرح ولم تجد ربيكا أمامها أي اختيار غلا أن تذهب وتشد على السيدة الفرنسية . وتسألها أي شراب تحب أن تحتسية عندما توجهت لاعداد الشراب . لحق بها بيير وشعرت بالحرج من وجوده معها ولم ينقذها غلا وصول روزا لتعلن أن العشاء قد أعد وتعهد بيير بقيادة المقعد المتحرك وهما يتقدمان ربيكا والسيدة الفرنسية ويتجهان إلى المائدة . خيم الصمت على ربيكا وهي تتناول طعامها بينما كان الامر سهلاً في أن تدير آديل دفة الحديث مع ضيفيها . وهكذا وجدت ربيكا نفسها وحيدة ولكنها لم تابه كثيراً وكان هذا افضل لها وغن كانت تتوق على الهروب منهم جميعاً . وقدمت روزا القهوه في غرفة الجلوس . وبعد أن أحتست ربيكا فنجانها نهضت وقالت : " اسمحوا لي بالانصراف . علي بعض التقارير الطبية كما وانني اشعر بصداع خفيف " تجهمت آديل . وقالت : " كتابة التقارير ليست أمراً عاجلاً . أما بالنسبة على الصداع فإنني أعتقد أن جولة في الحديقة كفيلة بأن تخلصك منه . وأنا متأكده من أن السيد سانت كلير يمكنه مرافقتك " وحملقت آديل في بيير الذي نهض واقفاً بدوره . فتوردت وجنتا ربيكا وتساءلت : ماذا وراء آديل ؟ ولماذا اقترحت ان يرافقها بيير أثناء جولته في الحديقة . وبخاصة أنه لم يسبق أن أبدت أي اهتمام بممرضتها من قبل ؟ قالت ربيكا : " شكراً لك , لكن ... " عندئذ قاطعها بيير ثائلاً : " آديل على حق . هواء الليل سيفيدك أكثر من جلوسك في غرفتك , أنا واثق بأن آديل وإيفون ستجدان موضوعات شتى للخوض فيها " مالت إيفون إلى الأمام ووضعت يدها على ذراع بيير وقالت له : " دع ليندسي تتخذ القرار لنفسها ياعزيزي . ربما تكون متعبة " راقبت ربيكا الحديث الدائر باهتمام وتساءلت اية علاقة تربط بين إيفون دي بوي وبينه ؟ ومن ملامح المودة التي ارتسمت على وجهها استطاعت ربيكا ان تدرك ان العلاقة بينهما على النحو الأردا . فقالت ربيكا مؤكدة : " أجل , إنني مجهد وارغب في النوم " قالت آديل في قسوة : " ماذا عن امري أيتها الفتاة ؟ أنسيت أن واجبلتك نحوي لم تنتهي بعد هذا المساء ؟ " ترددت ربيكا وقالت : " اظن ان روزا لن تمانع في مساعدتك فهي كانت تحل محلي أثناء الأمسيات التي أمضيها بالخارج " وحتى لا تظهر آديل في صورة المستخدمه العنيدة فم تستطع أن تتخذ قرار اتجاه ممرضتها . وتمنت ربيكا للجميع أمسية طيبه . وهي تتجاهل نظرة الازدراء التي بدت في عيني بيير , وأرعت لتبحث عن الأمان في غرفتها وكانت تعرف أن آديل ستجعلها تدفع ثمن معارضتها لها بهذا الأسلوب غالياً . لكنها لم تكترث كثيراً ! نهـــاية الفصل الثـاني انتظروني في الفصلين الثالث والرابع قريباً | |
|